حسام عبدالنبي (دبي)

عادت العملات المشفرة لتتصدر المشهد في الأوساط المالية والاقتصادية بعد الانخفاضات الكبيرة التي حققتها خلال الأيام الماضية والتي تسببت في زيادة الآلام المستثمرين في تلك العملات وتفاقم خسائرهم من الاستثمار في مجال يتسم بالمخاطرة العالية.
ومن جديد عادت صرخات الخاسرين بعد شهور من تهافت بعض المستثمرين في الإمارات على اللحاق بقطار الكسب السريع من تداول العملات المشفرة وفي مقدمتها «بيتكوين»، والذي حفز شركات ومؤسسات محلية على قبول التعامل بتلك العملات حتى أن أحد المنتجعات في رأس الخيمة أعلن عن إتاحته الفرصة للمشترين والمستثمرين لتملك وحدات المنتجع الفندقية الفاخرة بالعملة الرقمية «بيتكوين» أو العملات الرقمية المماثلة، ليكون أول مشروع فندقي في منطقة الشرق الأوسط يوفر وحداته بالعملة المشفرة.
وتعد الانخفاضات التي حققتها العملة الأشهر عالمياً «بيتكوين» أبرز الأمثلة على قدر الخسائر المحققة من ذلك النوع من الاستثمار حيث تتداول عملة «بيتكوين» أمس الأول (الخميس) بسعر يقارب 6300 دولار بعد أن تجاوزت 20 ألف دولار في وقت الطفرة ما يعني أن هذا التحرك للأسفل أدى إلى خفض القيمة السوقية لـ «بيتكوين» بنسبة 55% إلى نحو 109.15 مليار دولار، بعد أن سجلت 241.15 مليار دولار عند أعلى مستوياتها.
وكانت «بيتكوين» قد خسرت 17% من قيمتها خلال السبعة أيام الماضية، في حين أن نسبة الخسارة تجاوزت ذلك في عدد من العملات الأخرى حيث تجاوزت في سبعة أيام نسبة 21% في عملات «بيتكوين كاش» و«ريبل» و«ستيللر» و«مونيرو» و«نيو» و«أيوس» وغيرها.
وقال أحد المستثمرين إنه سمع من أحد أصدقائه عن المكاسب الكبيرة التي يمكن تحقيقها من تداول العملات المشفرة، وقام بتصفح المواقع الإلكترونية الخاصة بتداول تلك العملات واكتسب بعض الخبرة ثم قرر شراء عملة «ريبل» باعتبارها العملة الأقرب إلى الاعتراف بها دولياً نظراً لقبولها في تسوية المعاملات المالية في عدد من المؤسسات المالية، موضحاً أنه اشترى عملة «ريبل» عند سعر 90 سنتاً ثم تجاوز سعر العملة 1.1 دولار فقرر بيع بعض الأصول التي يملكها من أجل شراء المزيد من العملة، حيث كان هناك إقبال عالمي على شراء العملات المشفرة وكان الجميع يتوقع صعود «ريبل» إلى مستوى 3 دراهم (يذكر أن الريبل يتداول يوم الخميس عند سعر 0.34 دولار).
ومن جهته قال مستثمر آخر، إنه سمع كثيراً عن تقنية البلوك تشين وحاول اكتساب المزيد من المعرفة عنها ولذا شارك في ندوة ترويجية نظمتها شركة متخصصة في البلوك تشين ولكنه فوجئ أن الشركة تروج لمنصتها الخاصة بتداول العملات المشفرة، مؤكداً أنه قرر استثمار مبلغ ليس كبيراً في عملة «بيتكوين» من منطلق التجربة ولكنه لم يتابع الاستثمار بالشكل الكافي ليفاجئ بعد فترة أنه خسر نسبة تتجاوز 40% من رأس مالة.
وبدوره قال أحد المستثمرين:« بأن الخسائر التي حققها في سوق الأسهم جعلته ينقاد إلى أسواق العملات المشفرة من أجل تعويض الخسائر خصوصاً بعد أن وجد بعض الشركات الأجنبية تروج لطرح عدد من العملات المشفرة الجديدة وتنظم مؤتمرات للترويج للطرح في فنادق شهيرة في دبي بالتعاون مع شركات محلية، مشيراً إلى أن الخسائر التي حققها من تداول «إيثريوم» جعلته يتجه للاستثمار في أسواق السلع خاصة النفط حيث حقق بعض المكاسب».

اعتراف دولي
وقال شاندو سيروبا، الخبير المالي، إن العملات المشفرة أصبحت واقعاً ولا يمكن أن تكون الخسائر التي حققتها في الأيام الماضية سبباً في زوالها أو عزوف المستثمرين عنها لاسيما في ظل الخطوات التي اتخذتها عدد من الدول لتقنين وتنظيم السوق وعمليات الطرح الأولي، مدللاً على ذلك بإقرار مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع، في الإمارات، خطة لتنظيم إصدارات الأصول الرقمية والاعتراف بها كأوراق مالية، والتي تتضمن مشروع متكامل لتنظيم الأوراق المالية والسلع الرقمية. وأكد سيروبا، أنه إذا كانت الإمارات تتجه لتنظيم إصدارات الأصول الرقمية والاعتراف بها كأوراق مالية فإن ذلك يعد اعترافاً ضمنياً بأهمية العملات المشفرة واستمراريتها لاسيما وأن دولة الإمارات دائماً ما تكون سباقة في الرؤية والتعامل مع المستقبل.
وأوضح أن هناك دولاً أخرى تعاملت بالمنطق ذاته، حيث عرفت هيئة الأوراق المالية والبورصات في أميركا «SEC» العملات المشفرة على أنها أوراق مالية يتم استثمارها من أجل حصد الأرباح، تقوم وكالة الإيرادات الكندية «CAR» بتعرفيها على أنها سلع وكذلك في المكسيك، ناصحاً من يفكر في الاستثمار في العملات المشفرة باتباع مبدأ الاستثمار طويل الأجل وعدم الانقياد للتذبذبات السعرية العنيفة في وقت محدد، وأن تلك العملات وسيلة للادخار وليس المضاربة فضلاً عن ضرورة التنويع والعمل على انتقاء العملات المشفرة المضمونة بأصول حقيقية.

طلب الفدية
حسب دراسة أعدتها شركة كاسبرسكي لاب حول هجمات طلب الفدية وهجمات التعدين الخبيثة في الفترة بين 2016 و2018 فإن عدد مستخدمي الإنترنت الذين تعرضوا للهجوم ببرمجيات خبيثة خاصة بتعدين العملات الرقمية ارتفع من 1.9 مليون إلى 2.7 مليون خلال عام واحد.
وقالت إن خبراء «كاسبرسكي لاب» رصدوا تغيراً ملحوظاً في مشهد التهديدات الإلكترونية، تمثل بانخفاض ملموس في أعداد هجمات طلب الفدية التي استهدفت مستخدمين فريدين على أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية في العامين 2017 و2018، بنسبة 30% و22.5% على التوالي، لافتة إلى أن الخبراء وجدوا أن مجرمي الإنترنت يختارون، بدلاً من ذلك، جني المال من عمليات تعدين العملات الرقمية المشفرة، من خلال برمجيات متخصصة في التعدين تنتج وحدة عملة جديدة باستخدام قوة الحوسبة للحواسيب والأجهزة المحمولة التي تقع ضحية لهم، وتتمّ عمليات التعدين الخبيثة هذه على نفقة المستخدمين، من خلال استغلال طاقة أجهزتهم من دون علمهم.